بعد قرنين ونصف القرن على صدور كتاب "رسالة التسامح" باللغة الفرنسية في جنيف، والتي تعتبر من روائع الفكر التنويري الكلاسيكي لفولتير، تمت ترجمة الكتاب وإصداره بلغة الضاد عن رابطة العقلانيين العرب ودار "بترا" بدمشق في آن واحد ، وقامت بترجمة الكتاب الروائية السورية هنرييت عبودي.
يبتدئ الكتاب بفصلين عن مصرع جان كالاس على يد التعصب الديني المذهبي، وينتهي بانتصار جان كالاس نفسه بعد موته؛ حيث انتصفت العدالة له بفضل جهود فولتير إلى حد كبير.
ينتمي جان كالاس إلى مذهب الأقلية البروتستانتية المضاد لمذهب الأغلبية الكاثوليكية، أي لمذهب فولتير نفسه. وهذا يعني أن فولتير ضحى بطمأنينته الشخصية وضرب عرض الحائط بانتمائه المذهبي لكي ينتصر لشخص ينتمي إلى المذهب المضاد له ، بحسب هاشم صالح بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية .
يدين فولتير أيضا على مدار الكتاب كله جميع المجازر التي ارتكبها الكاثوليك بحق البروتستانتيين كمجزرة مدينة فاسي ثم بالأخص مجزرة سانت بارتيليمي الشهيرة.
ويقول في الصفحة 31 من ترجمة هنرييت عبودي "إن العنف المسعور الذي يدفع إليه العقل اللاهوتي المغلق، والغلو في الدين المسيحي المساء فهمه، قد تسببا في سفك الدماء وفي إنزال الكوارث بألمانيا، وبإنجلترا، بل حتى بهولندا، بقدر لا يقل عما حدث في فرنسا. ولكن على عكس واقع الحال في فرنسا، فإن تباين الأديان ما عاد اليوم يتأدى إلى حدوث اضطرابات وقلاقل في تلك الأقطار.
"الغلو في التعصب" هو عنوان الفصل الحادي عشر من الكتاب، حيث يعرف فولتير أن التعصب مسألة خطيرة أو أفعوان متعدد الرؤوس ولا يمكن القضاء عليه بسهولة؛ ولذلك فإنه يلجأ إلى تفكيكه فلسفيا وفي العمق، فهو يقر بأن التعصب مسألة داخلية، إنه مرض متجذر في أعماق الشعب الفرنسي، وفي أعماق عائلته الشخصية وطائفته الكاثوليكية بالذات.
إرسال تعليق
شكرا جزيلا