كتاب عشاق فنيسيا تأليف ميشال زيفاكو
“رولاند، وليونورا،
----------------------------------------------
كان أهل فينيسيا يهيمون بهذين الاسمين في الليلة الخامسة من شهر حزيران سنة 1509 فيجلونها حتى يعدونهما رمز الحرية ويعتقدون أنهما طلسم الحب وسحر الغرام. وما أجمل فينيسيا في تلك الليلة الساحرة وقد برزت تختال تيهاً فوق عرشها المائي والبدر في كبد السماء ينظر إليها وقد اصفر وجهه من الحسد فسبح في بحره الزمردي وهام في عالم اللانهاية. بل كانت تلك المدينة، مدينة الماء، شبه كتلة من نور وقد جعلت الألوف من القوارب تسير في ترعتها الكبرى فامتزج الرجال بالنساء في تلك القوارب وتلألأت أنوار مصابيحها فوق سطح الماء. فكأنما النجوم قد هبطت إلى البحيرات بل كأنما البحيرات قد استحالت إلى سماء. وقد اجتمع في ساحة سانت مارك تحت تلك الصواري التي رفعت عليها علائم الجمهورية حسان الفتيات وفتيان البحارة وفريق عظيم من الشعوب على اختلاف طبقاتهم من كل من ينوح ويترنم ويبش ويحب ويتألم. والأجراس تدق وقد سكرت فينيسيا بخمرة الحب وامتزج غناء الغرام بأناشيد الصلاة فلا تجد بين ذلك الشعب غير الجاهر بالدعاء، الداعي بالهناء الذاكر إسمي “رولاند وليونور” بالحمد والثناء. وإن هناك رجلين كانا واقفين في مشرف القصر القديم يريان فرح الشعب فيرسلان نظرات نارية هائلة كما يتأجج في قلبيهما من الضغينة والحقد بينما كان الناس يبتهجون ويحارون بالدعاء للخطيبين ويذكرون من حين إلى حين إسمي رولاند وليونور. ذلك أن مدينة فينيسيا ستحتفل غداً بخطبة العاشقين في سراج الدوج وسيحلف العروسين يمين الوفاء أمام المشهد العظيم بعد أن حلفاها همساً منذ عامين دون أن يستشهدا غير بدر السماء”. عشاق فينيسيا رواية تحمل بين طياتها آلاف الصور: السردية للواقع الاجتماعي التي ساد في فينيسيا خلال القرون الغابرة، معها يسرح القارئ في غياهب التاريخ الإيطالي ليقرأ ما خطته أيدي فرسان وأبطال ذلك المجتمع، في محاولة للدفاع عن تقاليدهم، وعاداتهم وحبهم الذي تحاول أيدي الأشرار أن تسلبهم إياه.
إرسال تعليق
شكرا جزيلا